أيها الرئيس...
نحن المسلمين أمة عدل، وفي الوقت نفسه تأبى علينا أخلاقنا أن نشمت بمنكوب، ولا زلنا نأمل أن تراجع الولايات المتحدة مواقفها، وتكون أقرب إلى العدل لكي نرجع إلى حسن ظننا بها، فلها سوابق تشجع على هذا الأمل، وتبيّن كيف أنا كنا نبادلها الخطوة بخطوتين؛ بل بالسير ميلين:
فعندما أعلن الرئيس ولسون نقاطه الأربعة عشرة في نهاية الحرب العالمية الأولى وأهمّها: حق الشعوب في تقرير مصيرها، ترجمته الأمة الإسلامية على أنه موقف عادل تجاه الاستعمار الأوروبي الذي كان جاثماً على أكثر شعوبها، نعم فرح المسلمون بصوت من الأمم النصرانية نفسها، يقول ما يدل على أن التمييز العنصري والحملات الصليبية - ومنها تلك التي قادها الجنرال اللنبي - قد آن لهما أن يأفلا، وهكذا سارعت الشعوب الإسلامية إلى وضع الثقة الكاملة في هذه الأمة المحايدة الولايات المتحدة الأمريكية.
وكسبت الولايات المتحدة الكثير جداً بسبب ذلك، فقد حصلت بالإضافة إلى الميزة المعنوية - على أعظم الامتيازات الاقتصادية في التاريخ، ولم يتزعزع ذلك حتى عند موقفها الجائر من قيام الدولة اليهودية وحرمان الشعب الفلسطيني من حق تقرير المصير؛ بل ظلّت -أعني: الشعوب الإسلامية- على أمل أن يكون ذلك مجرد خطأ يمكن استدراكه.